كتب الدكتور عبد الحميد العواودة استاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية والمحاضر في الجامعات الامريكية/ أحد مؤسسي وكالة الانباء الفلسطينية وفا الوكالة الرسمية لمنظمة التحرير الفلسطينية وناطق ومستشار سابق
هل رحل الاحتلال الاسرائيلي عن الضفة الغربية او غزة يطالعنا اخبار على صدر صفحات وسائل الاعلام الفلسطينية بشكل يومي باخبار عن اقتحام او دخول لمدن وبلدات وقرى فلسطينية في الضفة الغربية والقدس وضواحيها وكذلك المخيمات للاجئين المنتشرة في الضفة الغربية وتقوم باعتقال وضرب الاهالي ونسف البيوت وتجريف الشوارع وتدمير البنية التحتية لهذه المناطق وتفرض حصاراً برياً وبحرياً وجوياً على غزة
الغرابة ان الاخبار تنقل وكأن الضفة والقدس وغزة قد تحررت وصارت دولة مستقلة ذات سيادة وان القوات الاسرائيلية تعيد احتلال هذه المناطق ما المقصود في نشر هذه الاخبار وبهذه الطريقة هل زال الاحتلال وهل يحتاج الجيش الاسرائيلي الى اذن لدخول هذه المناطق ومنذ متى غادر الاحتلال الاسرائيلي هذه المناطق منذ عام ١٩٦٧ رغم اتفاق اوسلو الذي روجت له اسرائيل اكثر من الفلسطينيين والامريكيين منذ توقيعه لامر واحد ان عدم دراية المفاوض الفلسطيني بابعاد هذا الاتفاق آنذاك انه كان اتفاقاً او توقيع صك استسلام فلسطيني لاسرائيل وشرعنة الاحتلال وتهويد الضفة الغربية والحاقها الى اسرائيل بشكل قانوني وموافقة وتوقيع فلسطيني ومن خلال الامر الواقع لا يستطيع رئيس للسلطة او وزير او رئيس قسم او قائد للشرطة واي صفة ادارية فلسطينية أخرى تعيين فراش في موقع او دائرة الا بموافقة الشؤون المدنية الاسرائيلية اي الفحص الامني لذلك التعيين وناهيك على تحركات الموظفين والمواطنين بين المدن والسكن والعمل والسفر الى الاردن او من المطار اذ لا يتم ذلك الا بتنسيق مع الارتباط الاسرائيلي للعسكريين والادارة المدنية الاسرائيلية للمواطنين الفلسطينيين فأي سلطة هذه سلطة على ماذا وفي الواقع ليس لها سلطة على شيء حتى على مكان وظائفهم .
قبل مجيء السلطة كان حكام عسكريون اسرائيليون يديرون الضفة وغزة ويساعدهم موظفون فلسطينيون لوظائف غير امنية فما الذي اختلف يا ترى لا شيء فما زال الحاكم العسكري الاسرائيلي بيده كل امور الارض والادارات والذي تغير فقط ان جاءت السلطة باعضاء منظمة التحرير الفلسطينية ومن كل الفصائل لشغل الوظائف التي كان يديرها العمال الفلسطينيون في غزة والضفة الى جانب الحكام العسكريين الاسرائيليين وكانت فصائل العمل الوطني تنعتهم بالعملاء للاحتلال انذاك والسؤال ما الفارق اليوم بين موظفي السلطة الحاليين والسابقين ابان الحكم العسكري الاسرائيلي المباشر وحكم السلطة الفلسطينية.
لقد اصبح بدل الف موظف فلسطيني في الضفة وغزة ١٦٠ الف موظف في مختلف المجالات وتوقفت اسرائيل عن دفع موازنات لادارة الضفة وغزة وتركت هامشاً للموظفين الجدد المسماة بالسلطة ان تجلب المال لموظفيها وتنعش الاقتصاد الاسرائيلي من دول اوروبا الغربية وامريكا وكندا وجامعة الدول العربية من خلال الالتزامات العربية للنضال والشعب الفلسطيني وتقدر ببلايين الدولارات سنوياً .
لقد اصبحت السلطة الفلسطينية بقرة حلوب لاسرائيل واحتلالاً مجاناً بدون تكلفة ووكيل فلسطيني يدير البلديات والمدن والبلدات والقرى نيابة عن الحاكم العسكري والحكم المباشر الاسرائيلي للضفة وغزة.
اذا كان ذلك لماذا عاودت اسرائيل ارسال قواتها بشكل يومي لمناطق الضفة وتمعن في حصار غزة وتطلب من مصر والاردن المزيد من الضغط على الفلسطينيين للرضوخ للمطالب الاسرائيلية المتمثلة في وضع يدها على ما تبقى من الارض الفلسطينية المسماة منطقة سي اوC وتمثل ٩٨ ٪ من مساحة الضفة اي ارض اميرية متنازع عليها ولا تعود ملكيتها لاحد بل للدولة وهذا يعني في نظر الاسرائيليين ارض اسرائيلية ويجب ان يقام عليها المستوطنات التي بلغ عددها على ما يربو على ٦٠٠ مستوطنة او بؤرة استيطانية يسكنها ما يزيد على ٧٠٠ الف مستوطن حتى كتابة هذه السطور .
لماذا الصمت الفلسطيني الرسمي على ذلك وماذا يمنعهم من رفع الصوت عالياً عربياً ودولياً عربياً اخذ الفلسطينيون على عاتقهم التفاوض المباشر مع الاسرائيليون بدون موقف عربي داعم لهم ولا حتى اطار دولي لتدويل الاطر المتفق عليها وبات الفلسطينيون منفردين في مواجهة عدوهم المدعوم امريكياً ودولياً وذو موارد غير محدودة يفتقر اليها الفلسطينيون.
ان الجيش الاسرائيلي يتبع مجتمع عدواني استيطاني توسعي اسسه الغرب المستعمر لا لدواعي دينية بل لابعاد استعمارية تتمثل في السيطرة على الثروات الطبيعية الحيوية وممرات العالم الاستراتيجية التي تلزم اي قوة عالمية للسيطرة .
ان اهم مستودعات الجيش الامريكي من الاسلحة والعتاد يوجد في اسرائيل اضافة الى ان الجيش الاسرائيلي الحقه الرئيس ريجان الى وزارة الدفاع الامريكية فرواتبه ولباسه وتسليحه وتدريبه على حساب دافع الضريبة الامريكي.
كما استخدمت الولايات المتحدة الجيش الاسرائيلي مرتين خارج حدود الدولة العبرية عام ١٩٧٠ ارسلته لنصرة النظام الاردني والحفاظ عليه بعد ان جرى تهديد المقاومة الفلسطينية لهذا النظام في حرب اهلية اردنية فلسطينية.
كما دفعت الولايات المتحدة بالجيش الاسرائيلي لغزو لبنان لابعاد قوات الثورة منه التي باتت تهدد وجود الكيان الصهيوني وتحدث تغييراً سياسياً في المجتمعات العربية وقد شاركت البوارج الامريكية في قصف المواقع الفلسطينية وحماية الداخل الاسرائيلي انذاك اي حماية مؤخرة الجيش الاسرائيلي .
ان عودة الجيش الاسرائيلي الى احتلال المدن والبلدات والقرى والمخيمات بشكل دوري يؤكد وبدون مواربة عن دعم الادارة الامريكية للاستيطان الاسرائيلي في الضفة الغربية وتخصيص بلايين الدولارات للخزينة الاسرائيلية لذلك من خلال الاعفاءات الضريبية للاموال التي تذهب الى صناديق الدعم لاسرائيل ويفوق عددها عن الف صندوق للدفاع والتعليم والتنمية والبناء في المستوطنات الاسرائيلية بالضفة.
ان الجيش الاسرائيلي باعداده وعدته ليس بقادر على اخماد جذوة المقاومة الفلسطينية رغم استخدامه ما يربو عن مائة الف جندي وعلى مدار الساعة في الضفة الغربية او على حدود غزة وهذا الرقم يفوق ثلث عدد الجيش الاسرائيلي تحت السلاح.
لكن السؤال ماذا تفعل السلطة الفلسطينية الآن ولماذا تصر على البقاء هل لتحرير فلسطين ام جرى كشف القناع والمستور