بقلم : د.حازم الدجاني
في نظر الغرب الرأسمالي بزعامته الآمريكية لا يجوز لدولة عربية ، أيا كان نظام حكمها ، أن تمتلك من الأمكانيات العلمية التكنولوجية ، ومن التطلعات القومية ما يؤهلها لأستقطاب الجماهيرالعربية وقيادة النظال القومي العربي وأحداث تغييرات في الخارطة السياسية التي رسمتها ارادة المستعمرين بما يخدم اهدافهم ومصالحهم ، ورغم ان التقدم العلمي والتكنولوجي احدث تغييرات جذرية في نظريات الحرب وكافة مجالات الحياة وفي القيمة الأستراتيجية للكثير من بلدان العالم إلا ان الموقف للدول الرأسمالية أتجاه الوطن العربي لم يتغير أبدا لا بطبيعته العدوانية ولا باهدافه الاستعمارية الاحتوائية وهذا الموقف بطبيعته واهدافه ، رغم تغير الظروف والمفاهيم ، يعتبر امتدادا للعداء الاوروبي للامة العربية منذ فجر الاسلام ، ومن يقرأ التاريخ ويتابع احداثه منذ القرن السابع الميلادي حتى يومنا هذا يجد سلسلة لم تنقطع من العداء الاوروبي لأمتنا العربية بمظاهر متعددة وهدف هذ العداء هو السيطرة على الامة العربية والتحكم بمقدراتها ، ولكي تكون هناك ضمانه لتحقق ذلك واستمراره وجد المستعمرون الاوروبيون ان انجح وسيلة هي أضعاف هذه الامة بقطيع أوصالها ، بتجزئة الوطن الواحد الى أوطان ، وتحويل الامة الواحدة الى شعوب ، و تطور الامر في القرن العشرين الى ابتكار مشروع اقامة حاجز مادي بشري عدواني استطياني يفصل بين جناحي الوطن العربي في المشرق الاسيوي والمغرب الافريقي ، وقد تمثل ذلك في المشروع الصهيوني وليس في الساسة الامبريالية الامريكيةاتجاه الوطن العربي اي جديد ، واساس هذهالسياسة ان يبقى الوطن العربي مجزءا ، كما ورثته عنالاستعمار الاوروبي ، وان يتحقق الحاجز المادي البشري بين جناحي الوطن العربي وفق ما خطط الاستعمار البريطاني والصهيونية العالمية ، وان تبقى الأنظمة العربية في حالة عدم ثقة بعضها البعض لتبقى في حالة صراع ، ويجب محاربتها و تأليب الانظمة واستخدام اموال النفط العربي في محاربتها مع اعطاءأولوية الرعاية والدعم لأسرائيل وتوفير كل ما يجعله بالاسلحة الامريكية المتطورة متفوقة على قدرات الانظمة العربية : وابقائه على ما هوعليه من تجزئة وتخلف ، ومحاربة الوده العربية ، وكذلك محاربة أية دولة عربية تحاول بامكاناتها ومواردها الذاتية اجتياز حاجز التخلف واللحاق بعصر التكنولوجيا . الوطن العربي بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية بمثابة المنجم الغني بالمواد الطبيعيه والاسراتيجية الذي لا تريد لاحد ان يشاركها في استغلاله واسثماره وتعتبر المنطقة الخليجية من هذا الوطن هو الاهم بسبب الكم الهائل من النفط الذي تختزنه الى جانب سهولة استخراجه بالضغط الطبيعي ، الامر الذي يجعل تكلفة انتاجية البرميل منه لا تتجاوز العشرة في الماءة ( 10% ) من تكلفة الانتاج في مناطق اخرى ، وهذ السبب الذي يجعل صافي عائدات النفط للسعودية أو الكويت أو الامارات اكبر بكثير من احتياجاتها لتغذية ميزانياتها ومشروعاتها التنموية فتتولد بذلك فوائض مالية تتحول الى ودائع واسهم وسندات وعقارات في البلدان الغربية الرأسمالية ، وتستحوذ الولايات المتحدة على القسم الأكبر منها . فلذلك لا يهم الولايات المتحدة ان يكون هناك في الوطن العربي تطور ديمقراطي سريع ولا تطور اجتماعي اقتصادي او ثقافي ن كما لا تهمها حقوق الانسان العربي في الحريات الاساسية العامية وفي مقدمتها حريات التنظيم والاجتماع والتعبير ، وهي الحريات التي تتخذها وقت تشاء ذريعة للتدخل في شؤون أي قطر عربي أو أي بلد في العالم غير راضية عن حكمه الذي يهم الولايات المتحدة الامريكية في الدرجة الاولى وهو ان يكون الحكم في الاقطار العربية منسجما مع سياستها العامة موفرا الحماية اللازمة لمصالحها ، حريصا على التقيد بعدم تجاوز الخطوط الحمراء التي تتجسد في عدم تهديد أمن وسلامة و مبدأ وجود اسرائيل ، وعدم التدخل بجدية لتحقيق وحدة عربية اندماجية بين أي قطرين في منطقة المشرق العربي بشكل خاص لكي لا ينتج عن ذلك وضع يصعب السيطرة عليه ، وعدم السيطرة الجارة لاجتياز حدود التخلف واستثمار العلم والموارد في صنع قاعدة للصناعات المتطورة التي تغني عن الاعتماد على الدول الغربية الرأسمالية ماعدا هذ المحظورات التي تشكل الخطوط الحمراء ، لا يهم الولايات المتحدة شككل الحكم أو شكل الحاكم في أي قطر عربي ، ولا يهمها ان يكون الحاكم طاغيه او ديكتاتوريا في تسير دفه الحكم ، ولا يهمه ان يكون انفراديا مستبدا ، كما لا يهمها ان يكون الحاكم العربي مقاورا بالشعارات الرنانه الطنانه التي تطرب الجماهير أو منصرف الى مخادعة الجماهير باصلاحات اجتماعيه غير جذرية ، كذلك لا يهمه ان يكون الحكام العرب في حالة خصام وخلافات وتوترات مع بعضهم البعض او في حالة وئام ووفاق مظهري كل ذلك لا يهم الولايات المتحدة الامريكية لانه لا يعتبر تجاوزا لخطوطها الحمراء ، بل لعل ذلك هو الصفات التي تبتغيها اما اذا ظهر حاكم عربي يكرس حياته وعمله وموارد بلاده لخدمة اهداف الامة في التحرر والوحدة ووينصف الجماهير من الكادحين والمظلومين والفقراء والمحرومين في ثروات وطنهم التي تهدر وتبدد ، فانه بالمنطق الامبريالي يجب محاربته بلا هوارده هو و جميع الذين يؤيدونه ويلتفون حوله .
وخلاصة الامر ، لا يعجب الولايات المتحدة والغرب ان ترى في الوطن العربي رؤوسا مرفوعه وقادره يعتزون بكبرياء شعبهم ويحافظون على كرامة وطنهم ، وبالمنطق الامريكي لا بد من محاربة هؤلاء لانهم يشكلون خطرا على المصالح الامبريالية والنظام العالمي الجديد كاتب ومحلل سياسي