كتب الدكتور عبد الحميد العواودة (ابو الفتوح) استاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي والمحاضر في الجامعات الامريكية / مؤسس وكالة الانباء الفلسطينية وفا ومحررها المسؤول وناطق ومستشار سابق للرئيس ياسر عرفات .
وها نحن ندق ابواب اليوم المائة من الحرب الاسرائيلية الامريكية ومعهما حلف الناتو على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة قتلاً وتدميراً وتشريداً وحرب ابادة بشرية لم يشهد لها التاريخ لا الماضي منه ولا الحاضر .
ان هذه الحرب الاستعمارية الاستيطانية بدأت في نهاية القرن التاسع عشر وتوالت الهجمات الى يومنا هذا لكن الحرب هذه المرة أخذت ابعاداً لم يشهدها العالم من قبل .
ان اليافطة هي اسرائيل لكن حقيقة الامر هو الدفاع الاستعماري الغربي عن وجوده الذي ترنح تحت ضربات حركة المقاومة الاسلامية حماس ومعها كل فصائل النضال الفلسطيني يوم السابع من اوكتوبر ٢٠٢٣ التي احدثت هزة ارضية وصلت تردادتها الى امريكا والعالم الغربي الاستعماري القديم والجديد بكل اصنافه العسكرية والاقتصادية والمالية والاستيطانية كما هو الحال في فلسطين وسابقاً في جنوب افريقيا.
ان السابع من اوكتوبر وقع عندما كان الكيان الصهيوني في اوج انقسامه الداخلي السياسي والاقتصادي والديني والعرقي وانشغال الغرب في محاولة جمعهم مرة اخرى تحت يافطة الخوف من التفكك والاندثار وخسران الموقع الاستراتيجي للغرب وتشتت اليهود مرة اخرى وعودتهم الى بلدانهم القديمة .
وهذه الحرب التي اشعلتها امريكا على قطاع غزة بالمسمى الذي تريده والمبررات التي تسوقها لا يختلف على مرجعيتها اثنين ان امريكا تدير وتمول وتسلح وتدعم هذه الحرب بكل ما تملك من قوة وعتاد ونفوذ في هذا العالم في الامم المتحدة وفروعها الستة ولدى الاتحاد الاوروبي والجامعة العربية ورابطة العالم الاسلامي وتسعى جاهدة للتغطية على جرائم هذه الحرب التي سقط فيها ثلاثين الف شهيد فلسطيني في قطاع غزة ٧٥٪ منهم اطفال ونساءوسبعين الف جريح وعشرة آلاف مفقود لا زالوا تحت الركام والدمار وتبريرها وكررها وزير خارجيتها في اكثر من مناسبة رغم ترؤسه ومشاركته في اجتماعات مجلس الحرب الاسرائيلي .
ان هذه الحرب وما تخللها وشاهدها العالم انما يدل على ان هذا النظام الدولي قد انهار وولى الادبار ويلفظ انفاسه الاخيرة وستكون غزة نهاية هذا النظام وبداية النظام الجديد بنصر اهل غزة وارساء النظام الدولي الجديد الذي سيسود العالم ولن يكون فيه دولة للاحتلال والشر والعدوان ولا جبروت لدولة اسمها امريكا واوروبا وتاريخها الدموي في انحاء المعمورة .
ان من يستقرئ التاريخ ويتابع ويشاهد المناورة الدبلوماسية الامريكية يجد ان امريكا في مأزق وهو شنها الحرب على قطاع غزة وتبحث عن مخرج من هذه الحرب ولا تجد من هو قادر على مساعدتها فقد عزلت نفسها مع ربيبتها اسرائيل واوثقت قيود حلفائها في الناتو والعرب والدول الاسلامية لانها في مواجهة مفتوحة مع دولة قطاع غزة العظمى غير المرئية ولا يندى جبينها ولا من معها من اعلان ذلك وقولهم بل يرددون خلف بايدن نريد هزيمة غزة.
اليوم تعقد محكمة الجنايات الدولية لسماع الجرائم التي ارتكبت ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزةوقد نشرت المحكمة حيثيات الجرائم التي ارتكبت ومنذ افتتاح المحكمة تتوالى قرائة لائحة الاتهامات وما اكثرها .
ويسود صمت غير مسبوق في وسائل الاعلام الغربية المرئية والمقروءة والمسموعة حول هذه المحكمة ولا يشار الى عقد جلساتها او ما يجري فيها ولماذا?
هل هذا كان صدفة كلا فمنذ الاعلان عن تقديم جنوب افريقيا القضية للمحكمة وتحديد موعدها قررت كل وسائل الاعلام المملوكة والممولة والتابعة للولايات المتحدة فوق ارضها او اصدقائها عدم نقل وقائع المحكمة والجرائم التي ارتكبت ضد الشعب الفلسطيني على عكس المحاكم نفسها وضجيجها ابان محاكمة النازيين الذين كان معهم الحق وكل الحق في عدم ترك صهيوني واحد فوق هذه البسيطة .
ان التناقض في وصف النازيين الالمان بارتكاب جرائم حرب ضد اليهود وفي نفس الوقت تدعم امريكا واوروبا الحزب النازي الذي يحكم في اوكرانيا الذي كان اصلاً هو اساس الحزب النازي الالماني .
ان الشعب الفلسطيني في وطنه او في قطاع غزة او الضفة الغربية او الشتات ينظر لدولة افريقية هي جنوب افريقيا انها أكثر عروبة واسلاماً يفوق الستين دولة في رابطة العالم الاسلامي التي تخلت عن الشعب الفلسطيني واخوة الدم.
اننا نتقدم لجنوب افريقيا بكل تقدير واحترام الدولة التي هزمت الدولة العنصرية البيضاء في جنوب افريقيا توأم دولة الكيان الصهيوني وها هي اليوم تقف وتدافع عن الشعب الفلسطيني امام اهم محكمة دولية للجرائم ووللعار لم تجد اي دولة عربية او اسلامية في صف الادعاء العام .