محمد دلومي كاتب و صحفي
يواصل النظام الاماراتي مغماراته غير المحسوبة العواقب في افريقيا، في محاولة لاشعال الفتن الداخلية وضرب دولا افريقية بأخرى عربية أو دولا عربية بأخرى عربية وخلق بؤر توتر جديدة، ليستغ الوضع والاستفادة من التوترات الداخلية وتوسيع نفوذه ونهب ثروات شعوب شقيقة، وآخر تحركات بن زايد أجهضتها حكومة الصومال و التي كشف وزير خارجيتها أحمد عيسى مؤخرا، أن أبو ظبي حاولت رشوة حكومة بلاده واستغلال وضعها الاقتصادي وحالة اللاستقرار الداخلية و دفعها لاعلان الحرب على اليمن والإدعاء بأن جزيرة سوقطرى اليمنية هي في الأصل أرض صومالية وجب استرجاعها.
تواصل دولة الإمارات التدخل في شؤون الدول العربية و الأفريقية و إشعال الفتن،فبعد المحاولات اليائسة في الساحل الافريقي تحرك محمد ابن زايد مؤخرا نحو قرن القارة وبالضبط بدولة الصومال العربية في محاولة منه ضرب اليمن بدولة الصومال، و هذا ما تصدت له حكومة مقديشو وكشف عنه وزير خارجيتها أحمد عيسى الذي قال في تصريحات اعلامية أن بلاده ترفض العرض الإماراتي الذي وصفه “بالسخيف” وأن الامارات لن تجد من الصومال سوى الرد القاسي، مشيرا أن بلاده لن تفتح أي “خط حرب” مع اليمن ولن تطالب بجزيرة سقطرى، لأن الجزيرة حسب المسؤول الصومالي هي في الأساس” ارض يمنية والعالم يعلم أن الجزيرة يمنية ليس من الآن ولكن منذ فجر التاريخ” مؤكدا في السياق ذاته أن بلاده لن تفتح جبهة صراع مع دولة شقيقة، معتبرا ان اليمن بلد جار وشقيق وله سيادته وكرامة شعبه” .
وفي التفاصيل فإن نظام محمد اين زايد عرض على الحكومة اليمنية فتح مستشفى الشيخ زايد في العاصمة الصومالية الذي اغلقته الامارات و نقلت كل محتوياته في فترة ماضية عقابا للحكومة الصومالية على مواقفها المعارضة لمخططات أبو ظبي في المنطقة، كما عرضت الإمارات على الصومال منح عشرين مليون دولار كمساعدات مقابل فتح جبهة حرب مع اليمن و المطالبة بجزيرة سقطرى واعتباراها صومالية، و قال عيسى في تصريحات إعلامية الاسبوع الماضي موجها كلامه لنظام ابن زايد الذي يسعى الى خلط الاوراق في المنطقة و إشعال حرب اقليمية (نحن لسنا أدوات رخيصة تنفذ مطالبكم)، هذا التصريح المفحم يثبت أن عديد الدول خاصة في افريقيا تدرك جيدا الدور الخطير الذي صارت تلعبه ابو ظبي، و لعل آخر التحركات الامارتية تلك المتعلقة بضرب استقرار منطقة الساحل الافريقي، من خلال خلق ازمة دبلوماسية بين باماكو و الجزائر، حيث وصلت الامور بين الجارين إلى حد استدعاء سفيري العاصمتين لأول مرة منذ استقلال البلدين، بعد استقبال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لاحد أعيان قبائل الازواد الماليين، و هو ما اعتبرته حكومة مالي تدخلا في شؤونها الداخلية من خلال استقبال معارضين للنظام العسكري، رغم أن الجزائر استقبلت و بشكل رسمي و في اكثر من مناسبة شخصيات مالية معارضة و موالية في اطار مساعيها الرامية لإيجاد مخرج للازمة المالية وجمع كل الأطراف حول اتفاق السلم و المصالحة في هذه البلاد.
و تأتي هذه الخطوة المفاجئة من قبل حكومة بامكو مباشرة بعد مبادرة الرباط المتعلقة باستقطاب دول الساحل من خلال مشروع ( طريق الأطلسي)، و وفقا لوسائل اعلام جزائرية فإن هذه التطورات تأتي على خلفية تحركات ابو ظبي في المنطقة متخذة من الرباط محطة لاطلاق مخططاتها في المنطقة، كما كشفت تقارير إعلامية أجنبية أن ضخ هذه المبالغ الضخمة الغرض منه حصار الجزائر اعلاميا وشراء ذمم أصحاب منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الاعلامية الكبيرة من خلال و تكثيف الهجمات على الجزائر وتوسيع هذه الحرب الإعلامية ونشرها عبر كل دول العالم، وقد رحبت الرباط بهذا المشروع مستغلة توتر علاقاتها مع الجارة الشرقية وضرب استقرارها بشتى الطرق، وللإشارة فإن الرباط استقبلت في وقت سابق وزير الدفاع الاسرائيلي الذي هدد الجزائر من على ارض المغرب في سابقة لم تحدث في اي دولة عربية حيث تقوم جهة ما بتهديد دولة عربية من على ارض عربية، و بالعودة إلى مشروع ابن زايد في المنطقة فإن أهداف رئيس النظام الإماراتي باتت تشكل خطورة على المنطقة ككل، بسبب محاولاته الرامية الى استقطاب دول الساحل الافريقي مستغلا المغرب كغرفة عمليات لمخططاته، وقد بدا ذلك جليا من خلال مشروع ما اطلق عليه (الطريق إلى الأطلسي) الذي دعت اليه الرباط وترعاه ابو ظبي و الذي يعد فخا حقيقيا يتم من خلاله إغراء دول الساحل الافريقي بمشروع ظاهره اقتصادي وباطنه محاصرة الجزائر و دفع انظمة هذه البلدان لبول الاجندة الإماراتية مقابل مزايا اقتصادية، ومن بين الأهداف التيؤ تسعى اليها الإمارات هي فرض مخططات السلام التي سعت فيهالا الجزائر خاصة في مالي ودفع الحكومة المالية لعدم قبول اتفاق الجزائر، ما يعني عودة الحرب في مالي، وبالتالي نسف جهود الجزائر لارساء اتفاق سلام في المنطقة، وعودة التوتر في مالي والنيجر من خلال اشعال حرب داخلية بين قبائل الازواد و النظام العسكري في مالي والنيجر، و جعل الجزائر وسط حزام ناري و ضرب استقرارها من خلال خلق توترات اقليمية في جنوبها بعدما تم محاولة خنقها من الشرق عبر اشعال حرب اهلية في ليبيا و دعم مليشيات المشير خليفة حفتر الذي أعلن صراحة عداءه للجزائر و تقاربه مع محور أبو ظبي القاهرة تل أبيب، أما بوادر الازمة في الجنوب فقد ظهرت جليا من خلال تحرك النظام العسكري في مالي و رفضه اتفاقية الجزائر للسلام، ما يعني عودة الحرب بين قبائل الازواد و النظام العسكري، و ما يعني أيضا مزيدا من تدفق اللاجئين على الحدود الشرقية الجنوبية للجزائر، و الأخطر من هذا عودة الجماعات الإرهابية للنشاط، و هو ما يجعل الجيش الجزائري في حالة استنفار قصوى، عبر حدوده الصحراوية الطويلة الممتدة على 1359 كلم وبالتالي استنزاف قدراته.هذه الازمة المجانية التي فتحتها أبو ظبي مع الجزائر، أخرجت الجزائر عن صمتها، حيث اجتمع مجلس الامن الجزائري مؤخرا برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون وحضره كبار جنرالات الجيش ومسؤولين كبار، و قد اصدر المجلس بيانا تأسف فيه لما وصفه قيام دولة عربية بمحاولة ضرب استقرار الجزائر، وقد فهم من هذا البيان أن المعني “بالدولة العربية” هي الإمارات، كما كشفت مصادر إعلامية أن الجزائر وابو ظبي قلصتا تمثيلهما الدبلوماسي إلى أدنى مستوى لهما، كما قامت الجزائر بتجميد مشاريع استثماراتية والغاء أخرى قدر بعشها بملايير الدولارات على رأسها مشروع استثماري لموانئ دبي، ما يعني أن العلاقات في طريقها نحو القطيعة، وإن كان بيان المجلس الاعلى للأمن ” وهو مجلس يجتمع في الحالات الاستثنائية” جاء دبلوماسيا ودون الإشارة للإمارات بالاسم، إلا أن مصادر عدة تؤكد أن الرد الجزائري في حالة استمرار أبو ظبي في هذا النهج و محاولة ضرب استقرار الجزائر، سيكون أكثر حدة.و يبدو أن محمد ابن زايد مصر على المضي قدما في مغامراته الافريقية، وماضي في حصار كل دولة عربية ترفض التطبيع مع إسرائيل، فهل سيفترس ابن زايد افريقيا، أو سيكون فريسة في قارة أغلب دولها تحررت بالدم، واستقلالها لم يأتي هبة او مزية استعمارية؟
ويبقى مستقبل المشروع الإماراتي في المنطقة ربما رهين بالأوضاع في الشرق الاوسط، وخاصة بنتائج الحرب في فلسطين، فلا يمكن لأبو ظبي أن تواصل هذه المغامرة دون دعم او حماية اسرائيلية امريكية