بقلم : الدكتور عاهد بركات
رئيس الاتحاد العام للصحفيين والكتاب العرب الامريكات
فلسطين جزء لا يتجزأ من البلاد التي خلق وعاش فيها الإنسان العربي منذ عرف الدنيا.
وكانت تعرف قبل التاريخ بالجزيرة, وتشمل الأراضي المصرية الواقعة شرق نهر النيل وسيناء وفلسطين والأردن وسوريا ولبنان والعراق وبلاد نجد والحجاز واليمن وعمان والكويت والإمارات العربية.
وكانت أول موجة لهجرة القبائل العربية عام 10000 قبل الميلاد عدة هجرات.
ففي سنة 6000 قبل الميلاد هاجرت القبائل الكنعانية إلى فلسطين, وتنقسم القبائل الكنعانية إلى عدة أقسام وهي:
اليبوسيون:
وقد نزلوا في منطقة القدس سنة 4000 قبل الميلاد وأقاموا الكهوف وبيوت الشعر وكانوا يعيشون الأوثان وبلغوا درجة من الحضارة وآمنوا بوجود إله يملك السموات والأرض وأطلقوا على مدينتهم إسم (أورشالم) وكلمة (أور) تعني مدينة, وكلمة (شالم) تعني السلام. وبذلك يصبح إسم مدينتهم مدينة السلام.
العناقيون: وقد أقاموا في جنوب فلسطين في منطقة عراق المنشية وغزة, كما بنوا مدينة الخليل وقرى عناب وسفر وبيت مرسم.
الحوريون: أقاموا في جنوب فلسطين في منطقة شكيم “نابلس” وكان منهم رئيس مدينة شكيم “حمور الحوي” الذي باع قطعة من أرضه إلى يعقوب ثم أغوى
حمور حموي أبنة أحد جماعة يعقوب واسمها “دنيا” فهاجمه أبناء يعقوب وهما “شمعون ولاري” وقتلا إبنه. على اثر ذلك رحل يعقوب وجماعته من شكيم. وقد بنى الحوريون بلدة ابو غوش غرب القدس, كما أقام بعضهم في منطقة مرجعيون وجبل الشيخ جنوب لبنان.
العمالقة:
سكنوا في جنوب فلسطين في منطقة بئر السبع وغرب نابلس والبتراء وبنوا بلدة فرعتا على جبل العمالقة وقاوم العمالقة بعنف وشدة غزو اليهود إلى فلسطين وساعدوا ملك الموابين على إخراج اليهود من مدينة أريحا وحاربهم اليهود بقيادة كل من شاول وطالوت. فقد جاء في العهد القديم صموئيل الأول الإصحاح الخامس عشر 1-4.
وقال صموئيل لشاول اضربوا العماليق وحرموا كل ما لهم ولا تعفوا عنهم بل اقتلوا كل رجل وامرأة وطفل ورضيع وبقر وغنم وجمال وحمير.
الجرجاشيون: أقاموا في منطقة طبريا وفي الجليل العربي والكرمل, وقد بنوا مدينة عكا.
وهناك قبائل عربية أخرى كانت تقيم في فلسطين منها:
ثمود: أقامت في منطقة سبطية شمال نابلس.
سلبح: أقامت في منطقة الجليل وجبل الشيخ.
خدام: أقامت في منطقة مجدو وبعضهم في جنوب فلسطين.
لخم: أقامت في منطقة البحر الميت.
بنو عامر: وهم فخذ من بنو كلب وأقاموا في أواسط فلسطين في سهل مرج بن عامر.
حرم بن ريان: أقامت في شرق مدينة غزة.
ذبيان: أقامت في غور الأردن.
بنو بهراد: أقاموا في العقبة.
أما الفلسطينيون فقد هاجروا إلى فلسطين سنة 1200 قبل الميلاد من جزيرة كريت وجزر بحر ايجه جنوب اليونان ونزلوا الى سواحل فلسطين في المنطقة الواقعه بين يافا وغزة, وشملت منطقتهم مدن غزة وعسقلان وأشدود وعفرون وعراق المنشية, وكان الفلسطينيون محاربين ممتازين شجعانا يستخدمون الخوذ الحديدية والدروع ويحسنون استعمال الرمح ورمي النبال وحاربوا اليهود وكانت أهم المعارك التي دارت بين الفلسطينيين واليهود معركة “افيق رأس العين” حيث انتصر الفلسطينيون وقتلوا 30 ألف نسمة من اليهود.
وفي سنة 1004 قبل الميلاد دارت معركة بين الفلسطينيين واليهود في جبل جلبوع شرق مدينة جنين انتصر الفلسطينيون وقتلوا ملك اليهود “طالوت-شاول” وأبناؤه الثلاثة, ولكن داود حارب الفلسطينيين وهزمهم واندمج الفلسطينيين مع الكنعانيين واليبوسيين وغيرهم من القبائل العربية وتصاهروا وأصبحوا جزء منهم وسميت بلاد كنعان باسم فلسطين على إسمهم.
العبريون
في القرن الثامن عشر قبل الميلاد ظهرت في بلاد الشام عصابات تقوم على السلب والنهب والقتل عرفت بعصابات العبيرو وقالت عنهم المؤرخة البريطانية الدكتورة كينون “جماعة العيبرو هم خليط لا ينتسبون إلى عرق واحد وهم جنود مرتزقة محترفون وعمال عاديون وعبيد مستخدمون – عصابات مغامرة تألفت من حوريين وأسيوسبين وجثيين وجماعات من البدو والمعوزين والخارجين على مجتمعاتهم جاءوا من وراء الجبال والأنهر التي تحيط بالهلال الخصيب” وقال عنهم المؤرخ الأمريكي برايت “عاش داود بعض الوقت حياة انتهازية كزعيم عصابة من العبرو وكانوا غرباء عن كل بلاد عاشوا فيها” وذكر في العدد الأول من الإصحاح الثاني والعشرين من سفر صموئيل الأول “فذهب داود واجتمع اليه كل رجل متضايق وكل من كان عليه دين وكل رجل حر النفس فكان عليهم رئيسا وكان معه نحو أربعمائة رجل ” ونزحوا إلى مصر حيث حرف إسم العيبرو إلى العبريين. ولما هاجر النبي موسى عليه السلام من مصر إلى الشام سنة 1227 قبل الميلاد هاجروا معه.
هجرة إبراهيم عليه السلام إلى فلسطين
إبراهيم هو ابن عازر ابن ناحود, ولد في العراق في بلدة “عور” ومن العموريين العرب الذين عاشوا في العراق. وفي سنة 1805 قبل الميلاد هاجر من بلدته عور في العراق ومعه زوجته سارة وابن أخيه لوط وزوجته إلى بلاد الشام حيث نزل أول ما نزل في بلدة حاران وبقي فيها حتى مات والده فهاجر منها إلى الجنوب واستقر قليلا في مدينة شكيم, نابلس.
وصل إبراهيم وجماعته إلى بئر السبع جنوب فلسطين واستقر فيها وبنى فيها أول مسجد للعبادة وحفر بئراً للمياه فيها, ثم بنى بعد ذلك مساجد في بيت ايل وبتين والخليل وغيرها.
أما لوط بن هاران بن عازر فقد نزل في سدوم وعمورة قرب البحر الميت, وكانت زوجة إبراهيم عليه السلام عاقرا وتدعى سارة, ولما شاخت تزوج إبراهيم بهاجر وهي مصرية من بلدة العزما.
وفي سنة 1794 قبل الميلاد ولدت هاجر وأنجبت لإبراهيم ولداً ذكراً أسماه إسماعيل وهو جد العرب العدنانيين نسبة إلى عدنان الذي ينتهي إليه نسب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. وبقدرة الله عز وجل حملت سارة وأنجبت لإبراهيم ولداً أسماه إسحاق, وكان ذلك عام 1780 قبل الميلاد.
وبعد وفاة سارة تزوج إبراهيم عليه السلام امرأتين كنعانيتين عربيتين رزق منهما 11 ولداً, وتوفي إبراهيم ودفنه أبناؤه بجانب زوجته ساره, وتزوج اسحاق ب (رفقه) إبنة عمه ورزق بولده يعقوب الذي لقب ب(إسرائيل).
وقد أطلق على ذرية يعقوب إسم (الإسرائيليون) نسبة إليه.
سافر يعقوب إلى بلدة حاران لزيارة أخواله وهناك تزوج من ابنتي خاله (ليته) و (راحيل) وولدتا له 12 ولدا ذكرا.
هجرة يعقوب
بعد أننن قتل شمعون ولاري أبناء يعقوب رئيس مدينة نابلس وابنه بسبب إعتدائه على الفتاة اليهودية (دنيا) وهربهم من نابلس جنوبا قرروا في منطقة بئر السبع النزوح نهائيا إلى بلاد مصر.
وفي سنة 1656 قبل الميلاد نزح يعقوب وأولاده وأزواجهم وأبناؤهم إلى بلاد مصر, وكان المصريون يسمونهم (الغرباء) ولا يأكلون من طعامهم ويعتبرونه نجسا, واستخدمهم الفراعنه خدما وعمالا بالأشغال الثقيلة وذلوهم وكانوا يحتقرونهم ويستعبدونهم باستثناء شخص واحد يدعى موسى فقد نشأ في بيت أحد فراعنة مصر وعاش وتثقف كأحد أبناء الفراعنة.
ظهور الديانة اليهودية
بينما كان موسى خارجا من قصر فرعون الذي يعيش فيه ويسير في المدينة شاهد مصريا يضرب إسرائيلياً من بني قومه بقسوة فأنجد موسى الإسرائيلي وضرب المصري بعصا على رأسه فقتله.
وبعد أن قتل موسى المصري أصبحت حياته في خطر من قيام المصريين بأخذ الثأر لقتيلهم, فقرر الهجرة من مصر مع بني قومه الذين اتفقوا على ذلك. وفي سنة 1227 قبل الميلاد هاجر موسى على رأس قومه إلى صحراء سيناء بطريقهم إلى بلاد الشام, ولما وصل موسى وقومه إلى حدود فلسطين أرسل اثنى عشر رجلا يمثلون الاثنى عشر سبطا الذين يتألف منهم بنو إسرائيل إلى داخل فلسطين ليستطلعوا أحوال أهلها وطبيعتهم وقوتهم وأرضها وزرعها ومدنها وليتجسسوا على أهلها وعادوا بعد أربعين يوما قضوها في التجسس في بلاد كنعان (فلسطين) وقالوا لموسى انها بلاد تفيض لبنا وعسلا وأن فيها شعبا معتزا جبارا ومدنهم محصنة وليس لنا طاقة على ضربهم وأننا نفضل العودة إلى مصر خدما عن الدخول إلى فلسطين لنموت فيها نحن ونساؤنا وأطفالنا. وكان موسى قد تزوج أثناء وجوده في سيناء بإبنة شعيب النبي العربي.
تاه موسى وقومه أربعين عاما في صحراء سيناء. وفي صحراء سيناء نزلت الهداية الإلهية على موسى وأصبح نبياً يدعو للديانة اليهودية وإطاعة الله الواحد الأحد. وفي نهاية الأربعين عاما من التيه دخلوا شرق نهر الأردن عن طريق سيناء ومنعهم ملك ادوم من المرور بأرضه إلا إذا دفعوا له المال الذي يطلب مقابل مرورهم, فساروا بمحاذاة مملكة ادوم ووصلوا إلى منطقة البتراء حيث توفي هارون شقيق موسى ودفن على جبل هور.
واصل موسى سيره على رأس جماته ونزلوا في منطقة وادي الحسا ثم ساروا إلى الموجب فاعترضهم ملك العموريين (سيحون) ومنعهم من المرور بمملكته هناك وتحارب الفريقان وتغلب موسى وقومه على سيحون وانتصروا في أول معركة خاضوها واستولوا على أراضي مملكة العموريين وتابعوا سيرهم إلى بلاد حوران فحاربهم ملكها (عوج) فهزموه واستولوا على أرضه, وفي تلك الفترة توفي موسى شرق نهر الأردن.
……. يتبع