بروفيسور – عاهد بركات
انه يريد ان يوضع في محل المقارنة من رجل اخر وينتصر عليه … والزوجة في هذه اللعبة مجرد مادة لغرورة ، والحب مسرة عقلية لا عاطفه فيها بالمرة ، وقد يظل يكره زوجته حتى يغازلها رجل اخر فيهتاج ويثور ويغلق عليها الأبواب والنوافذ ويلقي بالتلفون في الشارع … ويأخذ في الإلتفات اليها والى محاسبتها ويأخذ في مغازلتها أيكون هذا الاحب الفجائي حبا … لا … انه مجرد كرامة … انه لا يحتمل ان يكون الفشل في معركة غزل والمرأة لا تتمنع على الرجل الذي تحبه من باب العفة والأدب ولكن من باب الخوف ان تفقده كزوج وتفقد احترامه وتسقط في عينيه ولا تعود بالنسبة له اكثر من عشيقة للإستهلاك الوقتي ، والرجل لا يفهم هذا انما هو يصر على ان يعتبر تمنع البنت عفه واخلاق و حصانه … وهذا يؤدي بالنساء الى التمادي في الكذب والتمثيل والادعاء ، والرجل في العادة لا يجاهر بهذه الحقيقة بقلبه وانما يقول بلسانه عكس ما يعتقد بقلبه … فيدعي انه متحرر … عصري لا يتزوج الا من بنت عقليتها متطورة تراقصه وتدعوه الى السينما وتزوره في بيته وتبادله القبلات والعناق واللذه الحلال والحرام … وفيما ترفض ان تجاريه في رغباته … فانه في العادة ينعتها بانها رجعية متأخرة غير صالحة لان تشاركه حياته .. ولكنه في الحقيقة في نفس الوقت يباركها في قلبه … ويقول لنفسه ، يا لها من بنت شريفه محافظة ويبيت النية على الذهاب الى اهلها وخطبتها … ولكنه لا يستطيع ان يستمر في الكذب … ولا البنت تستطيع ان تستمر في التمثيل … وفي الوقت الذي يكون الاثنان لسبيلهما الى الزواج … لا يستغني كل منها عن علاقة اخرى جانبية يتمتع فيها بالتعبير عن نفسه ورغباته الحقيقية … فيتخذ لنفسه عشيقه يقضي معها فراغه ويثرثر اليها بمكنونات نفسه … وتتخذ البنت لنفسها عشيقا تلهو معه على حريتها بدون خوف … وفي الوقت الذي تتطور فيه الأكاذيب المتبالدة الى زواج … تكون العلاقات الجانبية بما فيها من صراحه وصدق تتطور الى حب ، ويبدأ الصراع في نفس كل من الاثنين … و تنتهي حياتهما بزواج فاشل وحب فاشل في نفس الوقت … والسبب الاول والاخير هو الكذب … الكذب الاجتماعي العام الذي نعيش فيه والغباء والجبن والتعقيد الذي يعيش فيه الرجل والمرأة على السواء . وإعطاء المرأة نفسها للرجل ليس دائما يدل على الإبتذال وانما الابتذال هو ان تهون هذه المسألة عند المرأة بدرجة انها تصبح منحة سهلة لأي رجل وفي أي وقت بدون حب ولمجرد التلذذ العارض ، الابتذال هو ترخص المرأة في علاقتها وشيوعها وخلو عواطفها في العمق والخصوصية التي تجعلها تختار رجلا بذاته لتحبه وتمنحه نفسها وتعيش في وجوده … والمرأة من هذا النوع المبتذل لا تحتاج الى فراسه من الرجل ليعرفها … ان لبسها وزينتها وخطوتها ومستوى تعاملها مع الرجل يدل عليها … فهي نفسها لا تحس انها شيء غالب يقتصر نواله على الرجل الغالي … وانما هي تحس برخصها … ولا تجد مانعا من ان تنالها اي يد … لانها تبحث عن اللذة … ولا تبحث عن الرجل ، ومحاولة البنت الوصول الى اي زواج بأي ثمن اعتمادا على ان العلاقة الجنسية كافية بذاتها للوصول الى الحب … فكرة خاطئة … و كثير من الزواجات اللواتي يمنحن انفسهن كل ليلة لأزواجهن بلا حب يعلمن هذا جيدا ، واذا كان لا بد ان تختار الفتاة بين حب فاشل وزواج فاشل … فحب فاشل أرحم ألف مرة من زواج فاشل … لان الزواج يجر وراءه أسباب تضاعف فشله وتضاعف تعاسته … الأولاد المشردون و الخيانة الزوجية والطلاق ، ان مغامرة الزواج بلا حب لا تستحق حتى مجرد التفكير فيها اذا قورنت بالمغامرة الاخرى التي تخشاها كل إمراة … الحب بلا زواج … ان الزواج الفاشل يترك بصماته على المرأة ، على صدرها وبطنها ونفسها وعقلها وبيتها … أما الحب الفاشل فهو على الأكثر لا يخلق سوى تعب نفسي لا يلبث ان يزول و تتجدد بعده شهية المرأة للحياة ومحاولة البحث عن رجلها من جديد …و إن الجنس بذاته لا يكفي لان يوقف الحب بين اثنين لأن الحب أعمق و أشمل من لحظات الجسد لانه تعارف داخلي بين نفسين وبين لونين من الطباع والعادات والأخلاق والمشاعر ، وانسجام بين شخصين وروحين … تعرف كل منهما على حقيقتها وإلتقت بلا رسميات وبلا اتيكيت وبلا كلفه وبلا تأمر على مصلحة أو غرض فأعود مرة اخرى لأسأل ، أين الحب الصحيح ؟؟؟ أين هو تحت ركام هذه العقد والإنحرافات و الأكاذيب ، انه موجود … مثل الماء في باطن الأرض … يكفي انه تدق عليه ماسورة فينفجر في ينبوع لا ينضل ، الحب احساس جاهز فطري في داخلنا ، ينمو دائما من الداخل … بدون مؤثرات بهلوانية من الخارج … وبدون تمثيل و إفتعال و كذب ، انه احساس داخلي ينمو بطريقه تلقائية ، بدون قصد أو نية ، في التقاء اثنين ، ويبدأ بإحساس فطري بالسرور والفرح والسعادة والإرتياح لمجرد التلاقي … بدون الحاجة الى كلام… او محاضرات … ثم ينمو ، ويأخذ كل حبيب يطعي من ذات نفسه لحبيبه دون ان يدري انه يضحي و يتبادل الاثنان اهتمامات كثيرة لا حصر لها فكل منهما يهتم بالأخر و يحمل همومه و يتعذب بعذاباته ويقلق لقلقه ويفرح لفرحه ، و كل منهما لا يطلب شيئا من الاخر ، انه يعطي لا يطلب ، انه يريد ان يرى حبيبه كما هو ، لا أكثر تن وهو لا يجد جاحة الى الكذب والادعاء والتمثيل وهو يحس بالأمان الى جواره ، يحس انه سكن يأوي اليه ويستريح حيث الظل والماء والطعام والفراش المريح ، وهذا الاحساس والاكتفاء هو الذي يعطيه الشعور بالأمان … وبأنه في غنى عن كل الناس .و في حب حقيقي … توجد لذة من نوع اخر غير لذة الصداقة و الانسجام العقلي ، لذة هي مزيج من السخونة والتخدير و التنميل … ونوم مؤقت في التفكير يبعث في الجسد التلذذ والاسترخاء … ويبعث في القلب تفتحا وإشراقا ، ويجعل الكلام و الضحك شبيها بالاحتضان … و في حب حقيقي عنيف ان تؤدي القبلة ما تؤديه لذة جنسية كاملة و تكون لمسة اليد شيئا لذيذا ممتعا … والحب الصحيح خال من الغرض ، وانما تأتي الاغراض فيما بعد حينما يحس كل حبيب انه عاجز عن الحياة بدون الاخر وانه في حاجة اليه كل يوم وكل لحظة ولا وسيلة الى ذلك إلا بالزواج ، ولهذا لا يكون الزواج هدفا مقصودا في البداية وانما يكون نتيجة يتورط فيها الاثنان لفرط ما هما فيه من الحب ، حتى الإخلاص لا يتم باتفاق وتعاقد وانما يتم من تلقاء نفسه حينما يحس كل من الحبيبين انه يمتليء بالاخر وانه لا يجد مكانا في نفسه لحب ثاني … انه يصحو فيكتشف انه مخلص ، ان ذهنه محصور في شخص واحد ، يدور في مكانه وقال أوزوديس يا أيزيس ، انا شخصا اعتقد ان الحب حقيقي وموجود وممكن ويستحق ان نتعب من أجل الحصول عليه ولا توجد إلا وسيلة واحدة … أن نتغير … ان نصل الى درجة من الطهارة الداخلية … وان نغسل أنفسنا من السموم والرواسب … وطوق النجاة من كل هذا هو الصدق والصراحة … الصراحة بين المرأة ونفسه … والصراحة بين المرأة ورجلها … الصراحة بأي ثمن حتى ولو كان الثمن هو فقدان الرجل … وفقدا الحب وفقدان الأمل في الزواج ان سقوط الكلفة و تكاشف الحبيبين بخفايا نفوسهما وتعارف الاثنين تعارفا نفسيا مكشوفا روري لنشوء الحب … ولقيام العشرة الناجحة بعد الزواج … وبغير هذا لا امل في حل هذه المشكلة المعقدة … وبغير هذا سيظل الزواج و الحب اكاذيب متبادلة