القاهرة – رندة نبيل رفعت
في خطوة تُعزز مسيرة التعاون الاقتصادي بين دولتيْ مصر وقطر، عقد الفريق مهندس كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل المصري، اجتماعاً مع السفير القطري في القاهرة طارق بن علي فرج الأنصاري، لبحث آليات تعزيز الشراكة الثنائية في مجاليْ النقل البحري والاستثمار الصناعي.
يأتي اللقاء تمهيداً لزيارة مرتقبة للوزير المصري إلى الدوحة، وسط توقعات بتوقيع اتفاقيات تُرسِّخ التكامل بين الاقتصادين في ظل فرص واعدة بمجالَي الموانئ والصناعات المحلية.
محور الموانئ البحرية: بوابة للتجارة والاستثمار المشترك
أكد الجانب المصري خلال الاجتماع ضرورة تفعيل التعاون في مجال الموانئ البحرية، خاصة بعد زيارة شركات قطرية لميناء غرب بورسعيد، والتي عبَّرت عن رغبتها في المشاركة بإدارة الميناء الاستراتيجي.
ويُعد هذا التوجّه انسجاماً مع رؤية مصر لتحويل موانئها إلى مراكز لوجستية عالمية، حيث أشار الوزير إلى توجيه معاونيه بإعداد تقرير تفصيلي عن مستجدات التعاون مع الجانب القطري، تمهيداً لعرضه خلال الزيارة المرتقبة.
هذا التعاون قد يُشكِّل نقلةً نوعيةً للتبادل التجاري بين البلدين، خاصة مع موقع مصر الجغرافي الفريد الذي يربط بين القارات، وقدرة قطر على الاستثمار في البنية التحتية الذكية، ما يُعزز مكانة الموانئ المصرية كحلقة وصل رئيسية في شبكة التجارة العالمية.
الاستثمار الصناعي: 23 فرصةً واعدةً للمستثمرين القطريين
لم تقتصر الرؤية المشتركة على النقل البحري، بل امتدت إلى مجال الصناعة، حيث دعا الوزير المصري المستثمرين القطريين إلى اغتنام الفرص “المتميزة” التي توفرها السوق المصرية، سواء عبر شراكات مع مصانع محلية أو بإقامة مشروعات صناعية قطرية خالصة.
وأوضح أن وزارة الصناعة حددت 23 صناعة مستهدفة، منها مجالات تتعلق بالتصنيع الغذائي، والكيماويات، والإلكترونيات، والطاقات المتجددة، والتي تُعدُّ ركائزَ لتحقيق الأمن الاقتصادي وتصدير الفائض إلى الأسواق الإفريقية والعربية.
هذه الخطوة تعكس استراتيجية مصر لاجتذاب الاستثمارات الخارجية عبر تذليل العقبات، وتوفير حوافز ضريبية، وإتاحة أراضٍ صناعية، وهو ما يتوافق مع رؤية قطر لتنويع استثماراتها الخارجية وتعزيز حضورها في الأسواق الناشئة.
ردود الفعل وتوقعات المستقبل
من جهته، أعرب السفير القطري عن التزام بلاده بتعزيز التعاون مع مصر، مُشيداً بالعلاقات التاريخية التي تجمع البلدين، ومؤكداً أن السفارة ستكون جسراً لتنسيق الجهود بين القطاعين الخاص والحكومي.
كما أشار إلى أن الزيارة المقبلة لوزير النقل المصري إلى الدوحة ستُفتح آفاقاً جديدةً للشراكة، خاصة في ظل التوجّه العالمي لإعادة هيكلة سلاسل التوريد وتعزيز الشراكات الإقليمية.
الاجتماع المصري القطري الأخير ليس مجرد حدثٍ دبلوماسي روتيني، بل هو تأكيد على إرادة سياسية واقتصادية لبناء تحالف استراتيجي بين قطر التي تمتلك رؤوس أموال ضخمة، ومصر التي تُقدّم فرصاً استثمارية في قطاعات حيوية، مع ما تمتلكه من موارد بشرية وأسواق استهلاكية واسعة.
هذه الشراكة، إذا نُفذت بخطط مدروسة، قد تُعيد رسم خريطة التكامل الاقتصادي العربي، وتُرسي نموذجاً ناجحاً للتعاون الجنوب-جنوب في مواجهة التحديات العالمية.